أسماء و أشباه

استضاف برنامج(أسماء وأشباه ) في مطلع السبعينات المرحوم عبدالحليم حافظ ومعه عبدالحليم حافظ آخر لكنه كان يعمل عامل نظافة بحي من أحياء القاهرة. ... وفي البداية وجهت المذيعة سؤالا لعبدالحيم حافظ عامل النظافة: هل أنت سعيد ومسرور بأن اسمك يوافق أشهر مطرب في العالم العربي عبدالحليم حافظ؟ فرد عبدالحليم حافظ: بالبطع في منتهى السعاده لكن أين انا من الفنان عبدالحليم حافظ؛؛؛ فالمسافة بيننا كالمسافة بين السماء والأرض والفارق بيننا كالفارق بين الليل والنهار .... فرد عليه المرحوم عبدالحليم حافظ: لماذا هذا الكلام وكلنا أبناء آدم وحواء لا فرق بين إنسان وآخر والمقامات عند الله هو وحده يعلم من يكون أفضل من الآخر ثم إنك لو عرفت الحقيقة ربما أشفقت علي وربما إذا عرض عليك تبديل الادوار ربما لن ترض أن تكون محلي ابدا فعبدالحليم حافظ الفنان المشهور والثري كما تراه لا يستطيع أن ينام كما ينام الإنسان العادي فأظل منتبها لنفسي حتى لا تنفجر دوالي المريء وانا نائم . كما أنني لا أستطيع أن آكل كما يأكل الإنسان العادي فالأطباء ألزموني بكسرة خبز مع قطعة بسيطة من الجبن الأبيض..... وفي الحقيقة انت في نعمة لا تشعر بها... نعمة الصحة وهدوء البال..... ولو كان لأحد يجوز له أن يحسد الآخر لربما جاز لي انا أحسدك ........ فلتقل دوما الحمد لله .... ؛ . انتهى كلام المرحوم عبدالحليم حافظ بعدما استطاع ان يقنع عبدالحليم حافظ العامل أنه الأحسن والأسعد. وبعدما استطاع أن يكسر حاجز الرهبة التي في نفس هذا الرجل البسيط استطاع أن يخرج منه ضحكاته البريئة والجميلة عن طريق المداعبة والروح الخفيفة التي كان يتمتع بها المرحوم عبدالحليم حافظ. ويبقى شاهد الكلام الذي لفت انتباهي: فكم من نعمة تغمرنا ونحن لا نشعر بها ؛؛ ولماذا نشغل أنفسنا بما يملكه غيرنا ولا نشغل أنفسنا بما نمللكه نحن ولا يملكه غيرنا؟ فنحن لا نعرف ماذا أخذ الله من غيرنا ... حتما نحن لا نتسابق ولكننا نسبح في بحار لا شواطيء لها من الجهل والنسيان ... وفي القرآن الكريم (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) . نعم يا ساده إن حقيقة الإنسان بينة كما في القرآن الكريم ( إن الإنسان خلق هلوعا. إذا مسه الشر جزوعا. وإذا مسه الخير منوعا. إلا المصلين .) فالهلع حالة من الاستباق التنافسي في تحصيل كل خير يمكن تحصيله وحينما يحصله تراه شحيحا على غيره وإذا حرم منه تراه قنوطا كثير الشكوى والصراخ وعينه لا تكف عن النظر إلى ما في يد الغير ولسانه لا يكف عن أذى الغير وسمعه ينتظر بفارغ الصبر أن يسمع شرا عن الغير. .... هكذا كل الناس إلا المصلين وهم أصحاب الصلة بالله يعلمون ان الأقدار بيد الله وان الارزاق بيد الله وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن . لذا هم وحدهم يعيشون في راحة البال واطمئنان النفس . وفي القرآن الكريم مخاطبا نبي الرحمة صلى الله عليه( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى ) فلم ينظر نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم إلى صولجان الدنيا قط . بل عاش كفافا درجة أن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت كان يمر علينا الثلاثة أهلة في شهرين وما توقد نار في بيت محمد صلى الله عليه وسلم. فسألها عروة بن الزبير رضي الله عنه وهو ابن اختها فيقول : وما الذي كان يعيشكم يا خالة ؟ فقالت : إنما هما الأسودان التمر والماء ) .. ولما دخل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجده نائما على حصير أثر في جنبه فبكى عمر رضي الله عنه حتى استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مالك يا عمر ؟ فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله تنام على حصير أثر في جنبك وكسرى وقيصر يتنعمون على الحرير ؟ فقال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم : يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا .... مالي وللدنيا؟ إن مثلي ومثل الدنيا كراكب استظل بظل شجرة ساعة قام فتركها ) . دعوة من القلب : فلنجتهد في الدنيا قدر الإمكان عملا بقوله تعالى(ولا تنس نصيبك من الدنيا ) لكن بالتزام حدود الحلال ومن لم تأته الدنيا فلا يحزن فإن النهايات دائما خير من البدايات وفي القرآن الكريم(وللآخرة خير لك من الأولى . ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فلنقل دائما (الحمد لله ) . .. ...... .... ..... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.

تعليقات