الأصل في الزواج عدم التعدد
بقلم د/ أحمد عشماوي
الأصل في الزواج هو الإفراد وليس التعدد . وما يشيع عند الناس من أن الأصل في الزواج هو التعدد قول شائع متجرد من الضبط الشرعي ولا دليل عليه . ومن يتمسك بهذا الهراء فهو رجل تحكمه الشهوة أكثر مما تحكمه الحكمة . وإن لنا أن نتخيل في فردية الزواج لا تعدده أن الله هو الواحد وان كل فرد في الخلق ما هو إلا واحد .وان الأعداد تبنى كلها على رقم واحد . وأن أصل الخلق يعود إلى آدم عليه السلام وهو واحد . وأن الله حينما خلق لآدم عليه السلام لم يجعل له زوجات بل كانت حواء عليها السلام فقط وعددها ما هو إلا الإفراد والرقم واحد . وفي الإسلام لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج وتفسير لكل ما أشكل أو غاب أو باعد . وفي القرآن الكريم( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) ففعله صلى الله عليه وسلم في الزواج لم يكن تعددا وإنما تزوج بواحدة هي السيدة خديجة رضي الله عنها إحدى الكاملات من دون نساء العالمين . فلم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها قط بل لم يتحدث فيما بين نفسه بالزواج عليها قط . وظل معها كذلك حتى وفاتها بعد أن قضى معها وحدها ما يزيد عن ربع قرن من الزمان . وحري بشخصية السيدة خديجة رضي الله عنها أن تكون نبراسا لكل امرأة تريد أن تضع اسمها في لوحة شرف العظيمات من النساء . فقد بذلت لزوجها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ما لم تبذله واحدة لزوجها . ثم لم يكن زواجه صلى الله عليه وسلم من بعدها بغرض المتعة وإنما كان بغرض ربط أواصر القبائل العربية لتقوية الشوكة عن طريق النسب والمصاهرة. وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم( حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ) فلفظ حبب بضم الحاء مبني للمجهول وهذا يدل على أن حب النساء لم يكن بخاطره وإنما كان بقوة أتت إليه على سبيل الأوامر الإلهية لحكم ظاهرة أو خفية لذا لم يقل أحببت من دنياكم النساء وإنما قال حبب إلي من دنياكم النساء ) . وأما ما يقال في قوله سبحانه وتعالى( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) فإن الآية أتت على سبيل التحذير والتنفير لما كان يحدث في أيام الجاهلية إذ إن الرجل كان يحوي يتيمة في حجره كابنة عمه أو ابنة خاله فيعجبه مالها فيتزوجها لا من أجلها وإنما من أجل مالها ولا يريد أن يعطها مهر مثيلاتها فنزلت الآية الكريمة حضا على الإستعفاف بغير اليتيمة مبينة حدود السعة والعدد المسموح به في الذمة الزوجية والذي ينتهي بأربعة . والذي يلاحظ أن الآية الكريمة ذكرت مثنى اولا ولم تقل فردى دلالة على بيان الحالة الثابتة وهي أن الرجل متزوج أصلا بواحدة وهي ثابتة معه . لكن لما أراد الرجل أن يبحث عن المال والجمال في النساء واراد ذلك عن طريق اليتيمة الضعيفة المنكسرة أغلق الله هذا الباب وفتح له أبوابا أخرى من غير اليتيمات فكم من نساء ذات مال وجمال يبحثن عن رجال يعوضهن من زوايا ويغدقن هن عليهم من أبواب أخرى. ثم تأتي خاتمة الآية الكريمة موضحة أن هذا في حدود العدل بمعنى ما ترضى به المرأة على نفسها . فإن لم يكن هناك عدل او سماحة فتعود الأحكام إلى أصل المسألة وهي الواحدة (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) . وعلى هذا فالأمر مخول إلى ظروف كل رجل وظروف كل امرأة فإذا كان الأمر بدون ضرر أو ضرار فأهلا بالتعدد وإذا كان فيه ضرر أو ضرار فلا اهلا به لتبقى القناعة بالوحدة أسلم من حساب الله في الآخرة . وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم( من تزوج امرأتين ثم مال إلى واحدة دون الأخرى أتى يوم القيامة وأحد شقيه مائل ) على أن المقصود بالعدل العدل المادي والحسي بخلاف العدل القلبي فهو خارج عن حدود المحاسبة وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه(اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك ). .. .... .... ... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق