تكريم الإسلام للأم لآخر الزمان
بقلم د : أحمد عشماوي
عيد الأم يوم متعارف عليه عالميا للفت الأنظار المنشغلة إلى ما قدمته الأم من عطاءات . والحق أن الإسلام لا يختذل عيد الأم في يوم واحد في السنة بل إنه يعتبر كل أيام الأم أعيادا لها . وذلك حق أصيل لها فهي تجني ما قدمت من غراسها . فالمجتمع كله خرج من رحم الأم وبدون أم لا مجتمع ولا إنسان ولا حياة . وفي لفتة كريمة من القرآن الكريم إلى بيان فضلها ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )نعم إن عطاءات الأم والأب في جانب أولادها كثيرة وكثيرة لكن الإنسان لا يدرك إلا ما رآه وأحسه لذا كان هذا التذكير الإلهي بما لم يره الإنسان وبما لم يحسه وهي تلك الفترة التي كان فيها بين أحشائها يتقلب في بطنها خلقا من بعد خلق وفي القرآن الكريم(مالكم لا ترجون لله وقارا . وقد خلقكم أطوارا) وفي كل تطور للجنين تمغص بطن أمه ويثقل تعبها يوما بعد يوم . ثم تتعرض في الولادة لحالة من التعب الذي يشبه في ألمه الموت البطيء . بل إن كثيرا من الأمهات متن وهن يلدن او من حمى الولادة التي تنتج عن إجهادهن أثناء الولادة. ثم بعد الولادة تسهر الوالدة على ولدها فلا تنام حتى ينام ولا تأكل يأكل ولا تهدأ حتى يهدأ . إنها سنوات طوال من السهر والتعب لا يدركها المولود لذا كان التذكير في القرآن بما قاسته وعانته الأم . ومن هنا كانت وصية نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بالأم فوق حق الأب ثلاث مرات فالإسلام دين الوفاء والعرفان بالجميل فقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب ) . ولما سأله رجل فقال : يا رسول الله ... من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أمك . فقال الرجل ثم من ؟ فقال : أمك . فقال ثم من ؟ فقال أمك . فقال ثم من ؟ قال ابوك ) . وعلى هذا فكل أيام الأم هي أعياد فرح لها إذ حق لها أن تجني ثمار غرسها وجزاء تعبها . وخير بيت في الناس بيت تكرم فيه الأم وشر بيت في الناس بيت يساء فيه إلى الأم .إن الإحسان إلى الأم لا يعني التكرم عليها بل إننا نتكرم على أنفسنا حين ننحني عندها . وإذا كنا ندخل الجنة من باب الصلاة والصيام والصدقة فإن اوسع هذه الأبواب قبلة على قدم الأم وخفض الصوت عندها وتلبية طلباتها واحتياجاتها. فالجهاد عند رجلها يماثل الشهادة عند القتال . وفي الحديث ان رجلا استأذن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في الجهاد . فقال له نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ألك أم ؟ فقال الرجل : نعم . ... فقال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: فالزم رجلها فإن الجنة تحت قدميها ) . وعلى هذا فكل من عنده أم عنده جنة وهو لا يدري . وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ( رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما ) . هذا ولقد قال السلف :. بر الوالدين كنز لا يفتح إلا بعد وفاتهما . وقالوا : ما تفعله لوالديك أنت تسطره ويقرأه لك أولادك كما تدين تدان . وفي القرآن الكريم( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . وما نراه في ايامنا هذه من تفضيل البعض لزوجاتهم على أمهاتهم عقباه مردود عليهم فإن من لا يرحم لا يرحم . رحم الله آبائنا وأمهاتنا الذين سبقونا إليك وبارك لنا فيمن ينتظر واحشرنا جميعا في مستقر رحمتك . اللهم آمين. .... مع تحياتي دكتور احمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق