العقل هبه من الله

العقل هو هبة الله للانسان به كرم آدم وذريته إذ به يتفحص ويتمحص . ويعرف به ما يصلح ومالا يصلح ويعرف به ما يضر ومالا يضر . فالعقل كما قالوا من قديم الزمان (زينه) من أجل ذلك توج الله به الانسان فجعل محله في أعلى الدماغ ليس فوقه شيء وليس له نظير غيره في إصدار قرارات الإنسان فهو حر طليق يختار كيفما شاء دون إجبار أو تقييد . ويتميز عقل الإنسان بأنه عقل متنامي يصول ويجول ولا يهدأ حتى يحل المعضلات ويفك أسرار الشفرات بل وينهي حيرة الناس في الطلسمات . أما غير البشر فعقولهم ثابته عند حد معين من المعلومات لا تزيد عن تلبية الحاجه من الغرائز والدفاع عن النفس . وهذا يدل على مسئولية العقل عند الناس باعتبارهم منحوا مالم يمنح غيرهم . وفوق كل ذلك كفل الشرع للعقل البشري حرية الرأي والاعتقاد في كل شيء حتى في الذات العليه . والله جل جلاله لايرضى جبرًا لعقل على توحيده وتقديسه .ومن ثم كفل الحرية في كثير من آيات القران منها (لا إكراه في الدين) ومنها قوله (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) . فالحرية مكفولة في الإسلام للعقل .فلا تجوز مقاتلة أحد لأنه خالف المسلمين في اعتقادهم ولا توجد آيه واحده في القرآن تحث أو تحض على قتال قوم خالفوا في الاعتقاد من المسالمين . إنما القتال فقط للباغين والمعتدين وهذا يدفع شبهة أن الإسلام انتشر بحد السيف . ويتخطى أكثر من ذلك إذ لا توجد ملة وضعية احترمت العقل كما احترم الإسلام العقل فليس في الإسلام على طوله وعرضه ما يتنافى مع العقل أو حتى يمجه الذوق والطبع السليم . ورسالة الإسلام من أول لحظة لنزول القرآن كانت تحفيزا لإعمال العقول فكانت الآيات الأولى من القرآن ( اقرأ . باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) نعم إن المسئولية واقعة على العقل بقدر ما أخذ من التشريف ولذا كان القلم مرفوعا عن المجنون حتى يفيق . وإن الله سيسأل كل إنسان يوم القيامة عن ما فهمه الإنسان هو بنفسه لا عن ما فهم غيره، فلا توجد وكالة في الفهم والاعتقاد والإختيار . ومن هنا أوجه صرخة في وجه أولئك الذين باعوا عقولهم رخيصا رخيصا وآمنوا ببشر مثلهم ونسوا رب البشر . .... فانبهروا بحضارات أوربا وأمريكا وقلدوها تقليدا اعمى . ونسوا أن الإسلام دين كامل مهيمن ولكن كما قال الله تعالى( ولكن أكثر الناس لا يعقلون ) ( ولكن أكثر الناس لا يفقهون ) وياليتهم أخذوا من حضارات الغرب المفيد والنافع وتركوا الإثم والضار. بل إنهم كمثل رجل دخل قصرا فترك كل شيء حسن فيه ولم يعجب إلا بدورة المياه. فلهث العرب خلف الأجانب وأخذوا منهم السينما والعري والموضة والإنفلات الأخلاقي والإباحي. بينما تركوا ارتقائهم في تكنولوجيا الطب والفلك والهندسة والصناعة. فصار الوارد إلينا منهم ينحصر في تلبية الغرائز وتخمير العقول . فتعلطت عقولنا إلى أمد لا يعلمه إلا الله. ثم إن الناظر في حياة العرب يجد أصنافا وألوانا من الناس . كل فرقة لها مشربها الخاص وزعيمها الخاص ولا تجد واحدا فيهم يذكر الله كما يذكر زعيمه وقائده وهذه عبادة من دون الله ويوم القيامة سيكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا . والقرآن يصف مجادلاتهم يوم القيامة بعضهم مع بعضهم ...... واستخدم لها ما يناسبها من الفاظ مثل (ربنا هؤلاء أضلونا) ليمثل الحسرة التي يتجرعها هؤلاء عندما تكشفت لهم الحقائق . ومن هنا أقول لجميع التيارات والاتجاهات إن ربكم واحد فاذكروه ولا تذكروا غيره . وأعزكم الله بقرآنه فاعتمدوا كلامه ولا تعتمدوا كلام غيره .وأكرمكم بنبيه صلى الله عليه وسلم فاقتدوا بسنته وتفسيره السمح للإسلام ولا تأخذوا عن غيره . ما أحوجنا إلى أن نراجع عقولنا لنخلصها من الاستعمار العقلي والغزو الفكري وحب الدنيا والأنانية لتعود إلى شاطيء الله آمنة مطمئنة سالمة مسالمة — هذا — (ولكن أكثر الناس لا يعلمون )— وفقنا الله لما فيه رضاه . ..... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دكتور أحمد عشماوي رمز من رموز الأزهر

الأصل في الزواج عدم التعدد

تكريم الإسلام للأم لآخر الزمان