الرق في الأنظمة المستبدة
رغم تجريم الرق والعبودية دوليا إلا أننا ما زلنا نرى في كثير من أصناف البشر علامات الرق وذل العبودية. والعجيب أن الرق والعبودية كانا في الماضي قهرا وجبرا لكنها في الحاضر بمحض الإرادة والطواعية إختيارا . وإذا كان الإسلام جاء لتخليص البشر من عناء ذل الأسياد إلا أن كثيرا من البشر يلهثون خلف المصلحة بدناءة النفس ومسكنة الحال . وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصه ) . ..... وعلى هذا فلا عجب إن وجدنا المتناقضات فمن تراه ثريا تجده عبدا لأوراق البنوك. ومن تراه أمينا تجده خائنا. ومن تراه وجيها تجده شاهد زور. ومن تراه عالما نحريرا تجده ضالا مضللا. حقا إننا نعيش الخداع بعينه والزيف بعينه. لقد كان الرجل يباع في سوق النخاسة في الماضي ربما لضيق اليد وفقر المادة لكنه الآن سجين بغير سجان وضعيف رغم قوة البنيان وفقير رغم السعة في المال . كلك ذلك كان بسبب ضعف النفوس وقلة الإيمان وضعف العزيمة والشموخ والهمة. هنا تراهم زائغي الأبصار يسيرون مع الرابح فقط ومع أصحاب العلو دون اكتراث لدين أو أخلاق. وهؤلاء هم عكارة كل مجتمع. وبسببهم يحار الناس لاحترافهم إلباس الحق ثوب الباطل وإلباس الباطل ثوب الحق وهؤلاء هم حراس الأنظمة المستبدة وبيدهم أبواق الجحيم. لقد سأل الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز جلساءه ذات يوم فقال لهم : من أحمق الناس ؟ فقالوا : رجل باع آخرته بدنياه. .... قال : هل أدلكم على من هو أحمق منه ؟ قالوا : بلى ... قال : من باع آخرته بدنيا غيره . ومن يعرف هذا الكلام لسيدنا عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه يستطيع ان يفسر كثيرا مما يحدث من حوله . فرجل يرضى بالفتات ليسهل لغيره سرقة أموال الشعب . ورجل يرقص طربا ونفاقا لمن يعتقد فيهم وجها من وجوه المنفعة ورجل يبيع دينه او وعرضه أو وطنه من أجل قليل تافه أو إرضاء لأهل السطوة. ولا شك أن كل هؤلاء هم أصحاب الصفحات السوداء وأصحاب التاريخ الأسود يلحق عارهم السابع من ولد ولدهم وفي الاخرة مجمع حسابهم . وفي القرآن الكريم( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير إطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين . يدعو من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد . يدعو لمن ضره اقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير ) . فاللهم إياك نعبد وحدك ونستعين بك وحدك لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا حول ولا قوة إلا بك . ..... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي .
تعليقات
إرسال تعليق