الكنز الحقيقي
بقلم : د. أحمد عشماوي
الكنوز عند السطحيين تنحصر في الذهب والمجوهرات والأموال. بينما الكنوز الحقيقية تكمن في وجود إنسان عزيز علينا . فما قيمة المال بجانب إنسان يتعلق بنا ونتعلق به . إن الذهب لن ينطق بما نحتاجه من رفع الهامات وجمال المعنويات. وإن الجواهر لا تضيف لنا قيمة بل قيمتنا في اكتسابنا لإنسان عزيز يطوف قلبه بنا ويطوف قلبنا به . يملاء لنا الحياة أنسا وعزا وجاها وعونا في السراء والضراء فلا تحلو الحياة إلا به . إن الحياة قصيرة والمغانم فيها زهيدة والفائز فيها هو من يملك القلوب لا من يملك الأموال والكنوز فالمال عرض زائل لا يصنع الإنسان ولا يضيف إليه . فما كان الأب والأم في حياة الإنسان إلا عطاء دون مقابل وظهيرا من كل خطر حائل . لذا كان الشكر لهما بعد الله أمر واجب .وفي القرآن الكريم (أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير ) . وما كانت الزوجة في حياة الإنسان إلا لتكون له عزا حتى وإن ذل بين الناس. ولتكون له سندا حتى ولو تخلى عنه الناس . ومن هنا كانت هي السكن اي ما تسكن عند رؤياها عنه كل الإضرابات وتسكت عنه عندها كل الأوجاع وتنهزم عندها عنه كل المشاكل. فهي الطبيب لكل علة والمؤنسة عن كل وحشة. وبيت ليس فيه زوجة بهذه الصفات هو بيت معتم مظلم ليس فيه نور . وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم(ما استفاد المسلم من شيء بعد تقوى الله إلا زوجة صالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا أقسم عليها أبرته وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه ) وما كان الأخ في حياة الإنسان إلا جيشه المهاب المتأهب للدفاع عنه وحامي حماه دون خطط مسبقة أو كلمة سر . ومن هنا جاء التعبير القرآني موجها لموسى عليه السلام(قال سنشد عضدك بأخيك ) . نعم إن في العضد تكمن كلمة السر . وما كان الصديق الوفي في حياة الإنسان إلا عينه التي يبصر بها وعصاه التي يهش بها . سماه الله في القرآن خليلا لخلته اي ملازمته الدائمة فهو يخلو لصديقه فيجعل حياته كلها أفراحا ويدفع عنه كل شر كفاحا. وما كان الولد البار في حياة الأبوين إلا قرة عين يأخذ بيديهما في الكبر ويسهر عليهما كما كانا يسهران عليه في الصغر . كل ذلك وغير ذلك من أمثلة النافعين من الناس من حولنا هي الكنوز الحقيقية لنا . فمن رزقه الله بشيء من هذه القلوب المحبة فهو وحده صاحب الكنوز ما إن معانيها لتكتب في مجلدات تنوء بها العصبة أولى القوة . فاللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك . .... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق