قفص الزوجية
بقلم د. أحمد عشماوي
قفص الزوجية لا يجري عليه ما يجري على غيره من أقفاص الحبس والعزل والسجن والمهانة. ليس الدخول فيه بالإكراه ولا على بابه حارس أو سجان. بل هو سياج من ذهب من غير أسياخ حديدية ولا أكبال في الأيدي ولا أغلال في الأعناق ولا قيود في الأرجل. وإنما هو أسر لطرفين من غير إكراه ولا إنزال من القدر أو الكرامة . جمع الله بينهما بتقديره وأحاط بينهما بتدبيره. وسقف هذا القفص هو ظل الرجل . .... وقديما قالوا( ظل الرجل ولا ظل الحائط ) والحائط هو البستان وليس الجدار كما يفهم بعض الناس . ومعنى ذلك أن وجود المرأة في كنف الزوجية تحت ظل سقف الزوج خير لها من بساتين الدنيا. فحماية الرجل لزوجته تعدل قوة جيش بالكامل مرابط ليل نهار في حماية زوجته. فهو يحميها من نفسها أولا فشر ما يبتلى فيه الإنسان أن يكله الله إلى نفسه فيتيه في عالم الحيرة والتشرد لينتهي كل ذلك بنهاية مؤلمة من الإكتئاب والأمراض النفسية. ثم هو يحميها من العوذ والفاقة فكسرة خبز بملح مع زوجها خير لها من سؤال الذئاب التي لا تعطي إلا بمقابل يصل في أكثر الأحيان إلى نهش جسدها. ثم هو يحميها من سطوة أهلها أنفسهم ففي كثير من الحالات يتنكر لها أهلها خوفا من المطالبة بإرثها أو ببعض حقوقها فيظلها زوجها بمظلة غناه فتبقى هي الغنية واهلها هم الفقراء . ثم بعد ذلك ننظر إلى أرض قفص الزوجية نجدها ليست أرضا صماء ولا قحلة ولا جدباء بل هي أرض قوية صالحة للحرث المبارك والثمار الطيبة سواء في الإنجاب أو التدبير المالي والمنزلي . وفي القرآن الكريم(نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله ) ومن هنا وجدنا أن الخير في اغلب البيوت يظهر على يد الزوجة .
فهي مجمع الحصاد وإنبات الولد لتنسج من دورها فى الحياة الزوجية جدرانا شامخة قوية تحوط بها على قفص حياتها الزوجية لتعم البهجة والسعادة . فيراها زوجها خير كنز في الحياة. فإذا التزم الطرفان بما لهما وما عليهما لا شك أن الستر والسعادة والهناء صفات تلازم قفص الزوجية في هذه الدنيا. وفي القرآن الكريم( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) أي هن ستر لكم وأنتم ستر لهن كما يستر الإنسان بدنه بأجمل ثيابه. وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم(ما استفاد المسلم من شيء بعد تقوى الله إلا زوجة صالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا أقسم عليها أبرته وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه ) . ويبقى السؤال: هل هذا القفص الزوجي الوردي له وجود واقعي في دنيا الناس ام ان الخلافات الزوجية حالت بين ذلك فجعلت ذلك ضربا من الخيال ؟ لا شك أن الأمر أكبر من كلمات تسطر فالواقع غير الكلام . ولعل في مقالات قادمة إن أحيانا الله أن نعرج بالتدقيق فيما حدث من أعطاب في قفص الحياة الزوجية. .... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق