الإنسان يشقى بطيبته
النقاء والطيبة ليست بالضرورة مصدر الراحة والسلامة . بل على العكس فقد يشقى الإنسان بطيبته ونقاءه . فحسن الظن بالناس في هذه الأيام محض مراهنة على جواد خاسر .وإطلاع الآخرين على ما تفكر فيه هو عين التهلكة . وأمن الناس لشرك لمعرفتهم حدود غضبك تجعل المهابة في مهب الريح . لقد باتت الدنيا أكثر وحشية لدرجة أن الطيبة أصبحت ذنبا يكبد الإنسان ضياع كل شيء من حوله . والعجب أن أهل النقاء والصفاء والطيبة لا يمكن تحويلهم ولا تعديل منهجهم او تصرفاتهم . لقد خلقوا كذلك ويموتون على ذلك . وما ذلك إلا لأنهم استجمعوا في بواطنهم المنحة العظيمة من نور الله . فتاج رؤسهم الود والحب والإيثار والعطاء أينما حلوا أو ارتحلوا .ورغم حظوظهم العاثرة وخيبة أملهم فيما غرسوا ونكران الغير لهم إلا أنهم لا يضيقون كما ضاق غيرهم بل إنهم إذا اشتد عليهم العصر ما زادهم إلا نقاء وجمالا . وعلى هذا ليس بالضرورة أن تكون الابتلاءات نتيجة للذنوب والمعاصي بل إنها في الواقع هي فاتورة سلامة القلب من اللؤم والغدر والخداع . فالله لم يوجه الابتلاء لأصحاب القلوب المظلمة . إنما قاله فقط لأصحاب معيته فقال : (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) . وفي حديث نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ( أفضل النَّاس كل مخموم القلب ، صدوق اللِّسان ، قالوا : صدوق اللِّسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال التقي النقي لا إثم فيه ، و لا بغي و لا غل ، و لا حسد .) ورغم أن أهل النقاء والطيبة يدفعون الفاتورة كاملة بين الناس إلا إنهم يزدادون عند الله مكانة وتشريفا . فيعترف بفضلهم الناس ولو بعد حين . وتخلد آثارهم في صفحات النور وتحفهم ألطاف الله . وفي القرآن الكريم( إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ) . وهم في الآخرة يدخلون الجنة في عداد الصابرين بغير حساب . وأما من حفر لهم حفر الناس لهم فكل شيء مكتوب ومردود لكن الأمر يحتاج فقط إلى إنتظار أقدار الله عندها سنرى الإبداع في تصفية الحساب . وفي القرآن الكريم( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ) . وفي القرآن الكريم(إن أخذه أليم شديد ) . فاللهم نجنا ممن قدروا علينا ولا يقدر عليهم إلا أنت يا صاحب البطش الشديد . ..... مع تحياتي دكتور احمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق