خطأ بسيط تسبب في محنة للحكومة البريطانية
بقلم د:أحمد عشماوي
في عام ١٩٧٥ أذاعت إذاعة البي بي سي في لندن خبرا مفاده : ( ضبط زوجة السفير المصري متلبسة بجريمة سرقة من مول شهير بالعاصمة البريطانية لندن ) ولسوء حظ إذاعة البي بي سي أن السفير المصري وقتها كان الفريق سعد الدين الشاذلي الجنرال الذي أقعده السادات عن العسكرية وأجلسه في المناصب الدبلوماسية. وبمجرد أن سمع الفريق سعد الدين الشاذلي هذا الخبر المهين الذي يطال زوجته وهي منه براء استنفر للغاية وأرسل إلى الرئيس السادات في القاهرة لأخذ علمه بما جرى ليسمح له برفع قضية على إذاعة البي بي سي لكن السادات لم يكن على وفاق مع الشاجلي فلم يعره اهتماما. فتحرك الشاذلي بنفسه وأخطر الحكومة البريطانية فرصة تصالحية بتكذيب الخبر عن طريق إذاعة البي بي سي نفسها وتعويضه مائة ألف جنيه استرليني. وبتحري الحكومة البريطانية عن القضية اتضح لها أن التي قامت بالسرقة زوجة دبلوماسي مصري سابق يعيش في لندن يحمل درجة سفير . والذي أخطأت فيه إذاعة البي بي سي أنها قالت زوجة السفير المصري هكذا بألف ولام التعريف التي تفيد التخصيص والعلمية وكان عليها أن تقول : زوجة سفير مصري ..فحرفي الألف واللام فقط أدخلا مصيبة على الحكومة البريطانية وأوقعا إذاعة البي بي سي في حرج شديد. وكان على الحكومة البريطانية أن تتفاوض مع السفير المصري الفريق سعد الدين الشاذلي ليتراجع عن رفع القضية وذلك لقوة موقف الفريق سعد الدين الشاذلي من وجوه منها أن الفريق سعد الدين الشاذلي هو سفير مصر فى بريطانيا وأن زوجته بريئة فعلا من هذه التهمة وأن الفريق سعد الدين الشاذلي له تاريخه العسكري المشرف فهو رئيس أركان القوات المسلحة المصرية وهو مهندس عمليات حرب أكتوبر وهو الجنرال الوحيد الذي هزم إسرائيل وهو واحد من أهم عشر جنرالات عسكرية على مستوى العالم. كل ذلك جعل الحكومة البريطانية تنهض مبكرا لحل المشكلة ورد الاعتبار للفريق سعد الدين الشاذلي. فأذاعت إذاعة البي بي سي في لندن توضيح الخبر ورد الاعتبار للفريق سعد الدين الشاذلي وبالواساطات تم تخفيض مبلغ المائة الف جنيه استرليني إلى خمسة وستين ألفا لأن هذا المبلغ كان في وقتها كبيرا جدا للغاية . فاشترى الفريق سعد الدين الشاذلي سيارة فارهة لزوجته كي تتفسح بها مرفوعة الرأس أمام الناس في طرقات لندن بخمسة عشر الفا ثم أرسل خمسين ألف جنيه استرليني إلى مصر متبرعا بها إلى الجمعيات الخيرية. والشاهد في القصة أن المهنية الإعلامية تقتضي التدقيق في كل ما يعرض على الناس فحرفي الألف واللام وضعا إذاعة البي بي سي والحكومة البريطانية في مأزق شديد . ونحن في مصر لو وقفنا مع مقدمي برامج التوك شو وقفات صارمة ضد أي تجاوز أو تطاول ورجع الشعب بالتعويض عن أي إساءة على مستوى الفرد أو المجتمع لكانت الساحة نقية للغاية . لكن هؤلاء اعتادوا أن يزيفوا الحقائق دون رادع . ولو أن الشعب المصري وقف بالإدانة والتعويض ضد كل عمل سينمائي يشوه صورة مصر عن طريق إلقاء الضوء على ما يحدث في مناطق العشوائيات وبين طبقات الأثرياء ربما كانت السينما طاهرة مترفعة عن الدناءات التي اذرت صورة مصر في عين الشعوب وأثرت بالسلب على الأجيال الجديدة. حقا يا سادة إننا نعيش في حالة من الفوضى والإنهيار . .... ..... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق