وجه الإنسان كتاب مفتوح
بقلم د : أحمد عشماوي
وجه الإنسان كتاب مفتوح. يستطيع الخبير بشئون البشر أن يقرأ فيه من أول وهلة ما بداخله من تفاصيل وأسرار لم يكن له فيها من بوح. وصحيح أن الإنسان لا يخلق نفسه ولا يختار هيئة وجهه لأن ذلك من الأقدار الإجبارية إلا أن له دخل كبير في تجميل وجهه أو تقببح وجهه وذلك من خلال الروح .
فمن كانت له روح طيبة معطاءة محبة للغير وليست أنانية شحيحة كارهة للغير نتج عن ذلك انشراح في الصدر وانفساح في القلب وانعكس ذلك على الوجه فصار فيه القبول والراحة فأحبه الله وأحبه الناس . فازداد وجهه بذلك جمالا فتنفرج أسارير وجهه ويتلألأ نور الله عليه من جنبات وجهه في محياه وفي ومماته.
وفي مقابل ذلك نرى أصحاب القلوب السوداء المملوءة بالغل والحقد والحسد والكراهية نراهم وقد اشمأزت ارواحهم فانعكس ذلك عبوسا على وجوههم فحلوا في غضب وارتحلوا في غضب وباتوا في غضب فنزع الله منهم القبول فكرههم أهل السماء والأرض. وعلى هذا فالإنسان وحده هو من يجمل وجهه أو يقبحه .
ومن منة الله على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ( ألم نشرح لك صدرك ) فشرح الله له صدره ليكن شرح الصدر هو اللبنة الأولى في جمال الوجه . وفي القرآن الكريم ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) وعلى هذا فالوجه مرآة لما في الداخل.
ومن هنا نجد ان الدبلوماسيين وأصحاب القرار يحاولون جاهدين إخفاء بعضا من معالم وجوههم بالنظارات الشمسية حتى لا تفضح وجوههم ما يضمرون.
وبعد الحياة الدنيا وفي الآخرة تأتي مهمة الوجوه التي تعكس قدر الجميع حتى في حق الذات الإلهية يقول تعالى ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) فوجه الله يومئذ له جلاله وكبريائه وجبروته مع أهل الشر والكارهين وفي نفس الوقت ذو إكرام مع أهل الخير والصالحين .
وأصحاب الخير والصلاح فقط هم من سينظرون إلى وجه الله ذي الجلال والإكرام وفي القرآن الكريم ( وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة ) وفي المقابل يحرم أهل الشر والإجرام عن هذه المنة العظيمة وفي القرآن الكريم ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ محجوبون) .
نعم يا ساده إنه الجزاء من جنس العمل فلا يرى جمال الله إلا أهل الخير وخصال الجمال. بينما يحرم من لم يكن في قلبه شيء على أثره يستحق شرف الجمال.
ولن يختلط الأمر فأهل الخير الجمال معلومون وأهل الشر والقبح أيضا معروفون.
ففي حق أصحاب القلوب البيضاء والصالحين ( وجوه يومئذ مسفرة. ضاحكة مستبشرة ) وفي أصحاب القلوب السوداء والطالحين ( ووجوه يومئذ عليها غبرة. ترهقها قترة ) وفي القرآن الكريم ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) وفي القرآن (سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) وفي القرآن الكريم (يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذوا بالنواصي والأقدام ) . فاللهم بيض قلوبنا وبيض وجوهنا وبيض صحائف أعمالنا وارزقنا نظرة بعين رضاك ومتعنا اللهم بالنظر إلى وجهك الكريم. اللهم آمين. ... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.
تعليقات
إرسال تعليق