باب التوبة المغلق


بقلم د: أحمد عشماوي

يغلق باب التوبة بأمرين.... ببلوغ الروح الحلقوم وبطلوع الشمس من المغرب بدل المشرق . ... لكن بالتأمل نجد حالة ثالثة لغلق باب التوبة  يغفل عنها كثير من الناس وذلك في حالة إذا مات المظلوم قبل أن يستسمحه الظالم قبل موته .... هنا لا مجال للمسامحة طالما أن المظلوم انتقل إلى جوار ربه . فتظل المظلمة ثابتة في رقبة الظالم إلى  يوم الدين حتى وإن صام وتصدق من أجل محو ذلك . فعدالة الله تقضي بأنه لا يظلم ولا يرضى بظلم . وفي القرآن الكريم( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ) . وفي القرآن الكريم( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) . إن عدم تعجيل العقوبة للظلمة في الدنيا لا يعني ذلك رضى الله ولا يعني ذلك عفلة الله.  جل وعلا عما يظنه الجاهلون.  . ... وفي القرآن الكريم( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) . فذلك اليوم في حسابات الظلمة بعيد مستبعد لكنه عند الله قريب مستقرب . ..... وفي القرآن الكريم( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) . إن الله جل في علاه قادر على إراحة المظلوم في التو واللحظة في التشفي والثأر على ظالمه لكنه سبحانه وتعالى يعطي الفرصة للجميع ..... يمهل الظالم لعله يرجع عن غيه وظلمه ويمهل المظلوم حتى يرى جمال صبره وجلال تضرعه.  حتى إذا مات المظلوم قبل الظالم طويت الصحف ورفع ملفها إلى محكمة العدل الإلهية التي لن يجدي فيها شهود زور ولا محامي يتلاعب بالنصوص والثغور.  كل ذلك لن يكون وفي القرآن الكريم( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) وفي القرآن الكريم( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم اول مرة وإليه ترجعون.  وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما كنتم  تعملون ) . وفي هذا الموقف فقط يتمنى الظالم أن يكون هو المظلوم ويتمنى الحاكم أن يكون هو المحكوم ... فيأتي الظالم يحمل على كتفه ما سرقه  ويتعلق بعنقه المقتول ويثقل الظهر بشتى الذنوب . سيكون كل شيء على المكشوف وستأتي المظلمة بجثومها وشهودها عيانا بيانا وتأتي كل نفس معها سائق يسوقها إلى الحساب سوقا وشهيد يجرها إلى الإعتراف بالحق جرا . هنا ( تبلى السرائر ) ويأتي الظالم (فماله من قوة ولا ناصر)  . وهنا تأتي الحسرة على الظالم ليزداد عذابا فوق العذاب . وفي القرآن الكريم( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا . وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه ) . نعم يا ساده يحذركم الله نفسه فلا أمان لشيء إلا أمان الله.  فالصحة تخون ولا ينفع مال ولا بنون . ومن يعلم هذا يعلم أن الأجل يأتي على فجأة وأن النهاية لا تأتي إلا على غفلة .... والعارفون بالله لا يظلمون ولا يعينون أهل الظلم بل هم في الإستغفار منشغلون.  فاللهم أخرجنا منها غير ظالمين ولا مظلومين وإذا أردت بنا فتنة فاقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين.  .... مع تحياتي دكتور أحمد عشماوي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دكتور أحمد عشماوي رمز من رموز الأزهر

الأصل في الزواج عدم التعدد

تكريم الإسلام للأم لآخر الزمان